كان ناصر خسرو شخصية رئيسية في الثقافة الفارسية في العصور الوسطى. يصنف هذا الفيلسوف والشاعر والرحالة المسلم والداعي الإسماعيلي، والذي عاش منذ ألف سنة في الأراضي المعروفة اليوم بأفغانستان وإيران وطاجيكستان، لدى المتحدثين بالفارسية بإعتباره أحد أرقى شعراء لغتهم.
ولكن، لاتزال أشعار ناصر خسرو وأفكاره غير مألوفة في الغرب، رغم أنه يعرف بشكل كبير من خلال كتاب أسفاره ’سفر نامه‘، والذي يصف فيه رحلة السبع سنوات من خراسان، في الأراضي الإسلامية الشرقية، وحتى القاهرة، مدينة الأئمة الخلفاء الفاطميين. وحتى بين أولئك الذين يعرفون أعمال الشاعر، فإن عدداً قليلاً منهم يدرك المفاهيم التي يحاول أن يوضحها، حيث أن هذا النوع من الشعر الفارسي الفلسفي لا يزال مغموراً إلى حد كبير. يسعى هذا الكتاب، كدراسة غربية أولى عن الشعر الفلسفي الفارسي، إلى استدراك التوازن.
تغطي الفصول هنا، والتي كتبها المختصون عن ناصر خسرو والأدب الفارسي، وكانت قد قدمت أصلاً كورقات بحثية في المؤتمر الذي عقد في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS)، جامعة لندن، مواضيع تتراوح بين الميتافيزيقيا وعلم الكونيات وعلم الوجود وحتى النبوة وإيقاع الشعر وبنيته وتحليل القصائد الفردية ومسألة التأليف.
إن التحليل الدقيق للعديد من القصائد الرئيسية الكاملة يساهم في تطوير مجال الدراسات الفارسية إلى ما هو أبعد من مجرد التحقق مما تعنيه القصيدة، وذلك من حيث دراسة كيفية بنائها وكيف يتم دمج التقنية الشعرية والفلسفة لخلق روائع فنية.
يمثل هذا الكتاب بذلك بدايةً لدراسات هامة في هذا النوع من الشعر الفارسي الفلسفي.